إنه يوم عيد , ها نحن نجتمع عند بيت جدي كما وافقت العادة , الجميع في بهجة وسرور وكل يعانق الآخر وهو يردد كل عام وأنتم بخير .
جلسنا في الباحة الكبيرة نتبادل الأحاديث ونحن نأكل حلوى العيد اللذيذة , هنا راودني سؤال في ذهني فاقتربت من جدي وقلت له : يا جدي , أنت دوما" تردد مقولة ( يا ليت الزمان يعود يوما" ) , فهل كانت أعيادكم تختلف عن أعيادنا ؟ , وبتنهيدة عميقة بدأ جدي يسترسل حديثه قائلا" : آه يا بنيتي , كانت أيامنا بسيطة جدا" ومع ذلك كنا أكثر بهجة وراحة , لقد كنا نتحضر للعيد قبل عدة أيام , تجتمع النسوة لتحضير الطعام والحلويات وهم ينشدون أهلا" بالعيد ثم نذهب للسوق الذي لا نزوره الا من عيد الى عيد ونشتري لكل ثوبه الجديد , وفي ليلة العيد ينام الأولاد وهم يعانقون ثيابهم الجديدة ويصحون قبل العصافير ليرتدونها ويخرجوا مسرعين يجولون الطرقات ويطرقون كل الأبواب بانتظار العيدية , منهم من يعطي المال ومنهم الحلويات ثم يعودوا الى منازلهم ليصطحبوهم آباءهم الى بيت الجد , وهناك يجتمع الأقارب جميعا" وتعلو الصيحات والضحكات وننسى أنفسنا والليل قد خيّم علينا وشيء ما كأنه يقيدنا للبقاء فاليوم عيد ونحن مشتاقون لهذه اللمّة الحلوة ,,, أما اليوم يا صغيرتي , كل شيء مختلف , فالطعام والحلويات تأتي جاهزة وثياب العيد لكثرة الأثواب ليس بها بهجة , فقاطعته قائلة : لكننا يا جدي نأتي للزيارة ونجتمع عندك , فنظر إليّ وفي وجهه ابتسامة ساخرة وقال لي : أين عمك ؟ أين عمتك ؟ وأين فلان وأين ؟؟؟ اليوم أكثر الأهل في الغربة ولا يصلنا منهم سوى اتصال يهنئونا بحلول العيد ,, هنا نادتني أمي قائلة : هيا يا طفلتي لقد تأخر الوقت .
ودعت جدي وجدتي ومضيت مع أهلي وبقايا حديث جدي عن الأقارب يطوف في ذهني وهم يصلون الليل بالنهار عند بيت الجد دون أن يشعروا بتأخير الوقت , أما اليوم هي زيارة صغيرة وكأننا نأتي لننزع اللوم عن أنفسنا ونقدم لهم حقهم في زيارة , فاليوم عيد .