كنت طفلة صغيرة وكنا نسكن في قرية هادئة ,أمامانا سهول مصطفة فوق بعضعا البعض ومن ورائنا واد عميق , بيتنا جميل يحاوطه حدائق صغيرة وساقية يتصاعد أنغامها في سكون الليل وهي تنشد الحياة للأشجار لتمتلأ ثمارها ,
كان ذلك في ليالي الصيف وكنت وأخي نتسلل كل ليلة الى سطح منزلنا لنجلس مع صديق لنا اتخذ مقرا" له غرفة صغيرة في وسط السطح وملأها بالذكريات الجميلة , هنا رفوف خشبية زينّها بتصاوير لنا وهنا أشرطة لأغاني قديمة وأوراق مبعثرة لا أعلم ما هي , كانت تلك الغرفة ومازالت أجمل لحظات أيامنا
وفي ليلة من الليالي ,في ساعة والنسيم العليل يلاطف وجوهنا رحل أخي بمخيلته نحو منزل جيراننا وارتسمت الإبتسامة على شفتاه وبدأ يتمتم بكلمات لم أفهم معانيها فوجهت نظري حيث عيناه راقدتان فإذا بفتاة رقيقة جالسة أمام نافذة منزلها تهز برأسها وعيناها ترتجفان , دنوت منه وسألته: ما أصابك يا أخي , لكنه لم يسمعني , ثم أمسك بقلم وراح يبعثر بكلمات لا وزن لها ولا قافية , بقي على حاله ساعات إلى أن أقبل الفجر وضحكت السماء فأخذ يهرول مسرعا وأوقظ والديّ بجنون وبدأ يتلو عليهم قصيدته الأولى وهما يستمعان اليه والدموع ترغرغ في أعينهما وراحا برددان معا: أصبحت شابا" يا بنيّ ,أصبحت شابا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق